2
     
الصفحة رئيسية
النظام الداخلي
كلمات الوزير
نشاطات وفعاليات
مجلة نهج الإسلام
السياحة الدينية
ركن الفتاوى
من وحي المنبر
معاهد الأسد لتحفيظ القرآن
مديرية التوجيه والإرشاد
مديرية الحج والعمرة
مديرية التعليم الشرعي
مديرية التخطيط والإحصاء
المعهد الدولي للعلوم الشرعية
دروس الجامع الأموي بدمشق
دليل المساجد الأثرية
نشرات دورية
اعلانات
 
كلمات الوزير >  كلمة الدكتور محمد عبد الستار السيد بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف    
 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قالى تعالى : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم )
يارحمة نعمت بها أمم الورى     قد جئت نوراً للوجود يضاءُ
أنت الطيب لكل أدوار الورى      أنت الرحيم للقلوب شفاء
 
سيدي رسول الله محمد بن عبد الله:

خصصت بصفات ميزك الله بها في جسمك ونفسك وعقلك وعلمك وبيانك وأكمل لك هذا بما لم يؤته أحداً من خلقه، فأنت الشجرة الكاملة المباركة في دوحة الإنسانية ، أخذت أكمل ما في الدوحة من خصائص ثم آتت أحسن ما تؤتي شجرةُ مباركة من ظل وثمر .

يا لها من ذكرى... تعود في شهر ربيع الأول من كل عام ذكرى ميلادك وما تبعث في النفس من خير ورحمة وعلاء وعظمة وجلالٍ وجمال.

إنها لذكرى الإنسانية المنافحة في سبيل الحق الصابرة على ما ينالها من نصب ، إنها لذكرى العزم الصادق يمضي إلى الغاية قدماً ، يذلل الصعاب ويسخر الأهوال حتى يوفي على الغاية وأنف الباطل راغم وسلاح الظلم كليل وجمعه ذليل .

إنها لذكرى الحق ينبعث كقطرةٍ من ضياء في ظلمات الباطل المتلاطمة فما يزال يشيعُ في جوانبه ويشرق في أرجائه حتى يعم النور ويتبدد الظلام .

يا نبي التوحيد :

ماذا يذكر الذاكرون من سيرتك ويعرف العارفون من شريعتك ، لقد دعوت إلى الواحد الحق والله هو الحق المبين فمنعت عن العقائد شرك الأباطيل وخلصتها للتوحيد ، فخلصت نفس الإنسان مما يتنازعها من أوهام، وما يتقسمها من أرباب وأصنام ، وما يضل بها في الظلمات من أحلام .

وحدث النفس ثم وحدت الأسرة إذ أحكمت وشائج القرابة وأبرمت أواصر الرحم وجعلت الإحسان إلى الوالدين قرين توحيد الله ثم صفت العرب أمة واحدة .

يارسول الأخوة والمساواة :

 
لقد علمت أن الإله واحد وأن الناس من أصل واحد وإلى مصير واحد ودعوت إلى الأخوة العامة وسويت بين الإنسان والإنسان وجعلت التفاضل بالعمل الصالح لابالأنساب والأحساب، ما أحوج الناس إلى أن يثوبوا إلى هديك ويسيروا على نهجك وينسوا الشحناء بينهم ويعلم كل إنسان أن بعمله الصالح لا بقوله الباطل وأن قيمته ما يقدم للناس والأوطان من خير لا ما يثير بينهم من عداء .

يا رسول الإنسانية والحياة :

لقد اتجهت دعوتك إلى أن الدين كله لله وأن كل دين أتى به رسول إلى أمته إنما كان من الله لأجل أن يهب لها الخير وأن يبصرها بهذه الحياة لتحيا فيها حياة مستقيمة كريمة تليق بالإنسان فالأديان أصلها واحد وجوهرها واحد وهدفها واحد.

قال تعالى في كتابه الكريم ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) والعبادة تكون في كل شيء يعود بالخير على الإنسان أو على غيره أو على وطنه ، فالعمل للحياة وفي الحياة لأجل أن نحصل منها على كل نافع مفيد وأن نستمتع فيها بكل طيب من أجلّ العبادات لله عز وجل، فالدين ليس إنعزالاً عن الحياة أو عن المجتمع ، ليس أن يجلس الإنسان في مسجده ويصوم ويصلي ويعتكف بعيداً عن الناس ولا يقوم بعمل إيجابي نافع في هذه الحياة .

وليس الدين أن ينصرف الإنسان إلى الدنيا يقضي لذته ويشبع رغبته ويملا جيوبه وخزائنه لا يهتم إلا بنفسه ولا يعيش إلا لشخصه لا يؤدي لله واجباً ولا يعرف لأخيه حقاً ولا يشعر بعاطفة بينه وبين الوطن الذي يعيش فيه .

فرسالة الدين هي رسالة الحياة لا يستطيع أن يؤديها ضعيف ولا عاجز ولا متهاون ولا متواكل، فالفرد يقوى بالعلم والعمل والمران والتجربة والفن والخبرة وإذا قويّ الفرد قويّ المجتمع.

قال عليه الصلاة والسلام :
(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)، وهذا ما أكدتم عليه يا سيادة الرئيس في خطابكم التاريخي في قمة غزة .

فالدين لا يخاصم الحياة بل يوجب أن نبحث ونفكر وأن ننتشى ونخترع وأن نبني المعامل والمصانع ،وأن نكون دائماً على أهبة واستعداد (( وأعدو لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم )) وفي هذا عزة لنا وإعزاز لأمتنا وديننا تلك هي رسالة الدين وهي رسالة الحياة التي جاء بها صاحب الذكرى محمد (ص) .

لهذا ثار رسول الله (ص) على مفهوم الدين عند قومه فلم يرتضه عداءً وقتالاً وكرهاً وتعصباً ذميماً وإنما أعلنه تعاوناً على الخير وتساميا ًعن الشر وتطلعا إلى السماء وترفعاً عن الدنايا فما كان لرحمة السماء أن تكون وسيلة لشقاء الناس .

- وثار على مفهوم الزعامة فلم يرضها استغلالاً واستئثاراً وتكبراً وترفعاً عن مستوى الشعب وإنما أعلنها سهراً على الأمة وبراً بالرعية وخدمة ً للمجتمع .

- وثار على مفهوم التعامل بين الشعب وقادته فلم يرتضه فتنةً وتمرداً ولا خضوعاً وتملقاً ولكنه هو بالنسبة للدولة طاعة وللفرد تواضع وللظالم حد وتأديب وللجاهل الغافل هداية وتهذيب .

- وثار على مفهوم المال فلم يرتضه استئثاراً وجشعاً وظلماً وقسوة وعذاباً ولكنما أعلنه وسيلة للخير وبذلاً عند الحاجة وإسعافاً للبائس ورحمة بالضعيف ونعمة للمجتمع هو لله ملك وللغني أمانة وللدولة أداة وللأمة منفعة مشتركة .

- وثار على مفهوم الأخلاق فلم يرتضها عتواً وفساداً وأثرةً وانحلالاً  وذلة وانزواءً وعجزاً وانخذالاً، وإنما أعلنها تواضعاً من غير ذلة وعزةً من غير تكبر ورحمةً من غير ضعف وقوةً من غير قسوة وصفاءً من غير بلاهة ويقظةً من غير مكر وثقةً من غير مفسدة وراحةً من غير بطالة وعملاً من غير إنهاك وعبادةً من غير تنطع ( أي تشدد ).  

- وثار على مفهوم المرأة فلم يرضها آلة للمتعة ولا زينة للفتنة ولا أداة للخدمة ولا فرصةً للعب وإنما أعلنها سكناً للنفس وراحةً للقلب وساعداً للرجل منتجةً للجيل وسيدةً للأسرة وفرض عليها العلم كما فرضه على الرجل وأعطاها حرية التصرف بمالها وملكها وأوصى بها وحضّ على العناية بشأنها وحذر من هضم حقوقها )، وكانت عظمته صلى الله عليه وسلم أنه جاء في مجتمعٍ أميٍ جاهلي قد أعمتهُ القبيلة والطبقية وسرت فيه الخرافة وشريعة الغاب فحوله إلى مجتمع مثالي فاضل كان حلماً في خيال المفكرين من أيام سقراط وأفلاطون .

لقد دشن (ص) مجتمعاً يعيش الناس معه في عالمٍ من سمو النفس وإشراقةِ الروح وضياءِ القلب ورجاحةِ العقل ونور العلم .

وبعد سنوات قليلة هاهو تلميذٌ من تلامذة محمد (ص) وهو الصديق أبو بكر يسند قضاء المدينة إلى عمر في زمنٍ كانت فيه المدينة حاضرة الخلافة ومحط الركبان ومكث عمر في محكمته سنين دون أن يختصم إليه إثنان فملّ مكانه وطلب إعفاءه من القضاء ، قال له أبو بكر (رضي) ، أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء ياعمر ؟ قال عمر لا ياخليفة رسول الله ولكن لا حاجة بي عند قوم مؤمنين ، عرف كل منهم حده فوقف عنده .....إذا مرض أحدهم عادوه وإذا افتقر أعانوه وإذا احتاج ساعدوه ، لا حاجة بي عند قوم مؤمنين دينهم النصيحة وخلقهم القرآن وعملهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ففيم يختصمون ياخليفة رسول الله .

- وعمّ الأمن بلا مقدمات حتى شمل البوادي والصحارى في ظل رسالته (ص) حيث قال لعديّ بن حاتم ، ياعديّ لمن طالت بك حياة لترينّ الظعينه ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالبيت لا تخاف أحداً إلا الله وكان ذلك .

- وسادت المساوات فاخر رسول الله (ص) زعماء قريش وأشرافها ورفع الحبشي الأسود بلال إلى أشرف بقعةٍ فوق سطح الأرض ليعلن نداء الحق من على ظهر الكعبة المشرفة (الله أكبر )
فأصبحت المساوةُ وديون صحابته ، فقال عمر ( رضي) قولته المشهورة ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً )
قال علي كرم الله وجهه معلما ًللأشتر (الناس صنفان إما أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق ) ، وساوى بين السيد والمسود ، فقال لأسامة ، أتكلمني في حدٍ من حدود الله ياأسامة ، فوالذي نفس محمدٍ بيده لوأن فاطمة بنت محمدٍ سرقت لقطعت يدها ، هذا أعظم بناءٍ وأرقى مجتمعٍ عرفته الإنسانية ، من هنا فإن كل منصف يعرف حقيقة الإسلام لا يسعه إلا أن يردد مع الفيلسوف الغربي برنارد  شو قوله ، ما أحوج العالم اليوم إليك يامحمد كي تحل مشاكله .

سيادة الرئيس القائد بشار الأسد :

لقد شهدت منطقتنا العربية والإسلامية تداعيات خطيرة في السنوات الماضية التي أعقبت اجتياح العراق وفرضت على المنطقة مشروعاً صهيونياً مظلماً ، وأدت التداعيات إلى انهيارات أخطر وكادت المنطقة أن تستسلم بالكامل وإسرائيل ومن معها تفرض الشروط على الجميع لندخل في العصر الإسرائيلي القاتم ونتيه في صحراء العبودية للصهاينة والذل والضياع.

لكن قيادتكم التاريخية استطاعت دفن الانهيار المهول بوقوفكم إلى جانب المقاومة ورفض المساومة في لبنان وفلسطين وعلى الرغم من كل الضغوط والتهويل في زمن انخلعت فيه القلوب والنفوس واهتزت الأرض العربية في مرحلة توترات لم تشهدها المنطقة في تاريخها المعاصر فاستطعتم يا سيادة الرئيس وبتوفيق من الله أن تغيروا المعادلات على الرغم من قساوة الظروف ووالمساومات، وأصبحتم موقع الضمانة التاريخية والعربية، وموقع الضمير في هذه الأمة، فحولتم مجرى التاريخ العربي في أحلك الظروف ليتراجع الاستسلام ويتداعى وليدخل كل أطرافه في المآزق والضياع .

وها أنتم تقودون اليوم إعادة اللحمة ولم الشمل وتوحيد الصفوف والعمل لتحقيق السلام العادل والشامل ، فسر على بركة الله وكان الله معك ، وسدد على طريق الحق والخير والنصر والتحرير خطاك وحفظك ورعاك .

وكل عام وأنتم بخير،
والسلام عليكم ورحمة الله
 
 
 
مجلة نهج الإسلام
 
 
 
البحث
 
 
 
مواقيت الصلاة لمدينة دمشق
 
مواقع للزيارة | اتصل بنا
 
Powered By Alresalah