|
|
|
|
|
الفجر |
5:23 |
الشمس |
6:53 |
الظهر |
12:46 |
العصر |
16:7 |
المغرب |
18:39 |
العشاء |
20:9 |
|
|
|
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدي رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.. يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه الكريم «ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فاذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وان كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله ان الله غفور رحيم» أيها الإخوة الاحباب كل عام وأنتم جميعا بخير.. جعل الله سبحانه وتعالى اليوم العاشر من ذي الحجة عيداً للمسلمين عامة وللحجاج خاصة ابتهاجا بأداء ركن من اركان الاسلام.. في ادائه اغتراب ومشقة، وفرحا بما منحهم الله وأسبغه عليهم من النعم الظاهرة والباطنة.. فعيد الاضحى المبارك هو يوم عظم شأنه وكرمت منزلته في الاسلام فهو يوم الحج الاكبر وذكرى التضحية العظمى التي اراد الله سبحانه وتعالى ان يبتلي بها نبيه الخليل ابراهيم وان يضرب للناس مثلا في التضحية والفداء يبقى على مر الزمان يستلهمونه كلما شحت في نفوسهم نبعة الايمان ويحتذون به كلما تطلعت هذه النفوس الى الحق والخير
فالعيد عند كل امة ايماءة الى حدث خالد في تاريخها وذكرى في حياة الشعوب تذكر بأمجاد غابرة يجب ان يحفل بمثلها الحاضر فمن حقك علينا أيها العيد ان تشرق على دنيانا وهي تعي معانيك.. هذه المعاني التي من أجلها وبها صرت عيداً فأنت رمز للتضحية والفداء والايثار والاخاء والمحبة والصفاء والوحدة والثبات
الاسلام هو ذلكم التشريع السماوي الحكيم الذي لا نرى خيرا الا وجدناه سباقا اليه ولا نسمع عن معروف الا رأيناه حاثا عليه ولا نكتشف مخبوءاً في الكون الا وكان منبها اليه
الفضيلة شعاره ومكارم الاخلاق سمته وسعادة الانسان في الدارين غايته فهو دين الحضارة والمدنية وناموس العدالة والحرية وقانون الحق والانصاف والمساواة
يترك الناس أوطانهم وأموالهم وأولادهم وكل ما تقر به عيونهم عن طيب خاطر ويتجشمون متاعب الاسفار ويركبون متون البحار ويعرضون انفسهم للاخطار حباً في الله وابتغاء لمرضاة الله وطمعا في جنات الله وشوقا الى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلبية لنداء الله شعارهم حيثما حلوا وارتحلوا: لبيك اللهم لبيك..لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك
قلوب خافقة وأعين فائضة ومركبة الايمان تسير بهدوء وتؤدة راسية عبر محطات الوجد والاعتبار على ارض المعجزات إنهم بشر منتشرون قد كانوا قبل ذلك منتشرين هنا وهناك على مساحات غير منتظمة وابعاد غير متساوية وفروق شخصية رخيصة الا انهم جاؤوا من اقاصي الارض وأدانيها وانتظموا جميعا حول البيت العتيق في تبتل وصلاة وها هي مركبة الايمان في مسيرتها الطويلة تجوب مسالك النور والضياء وترسو بالبشر المنتشرين حول البيت العتي
وكم هي كثيرة الاوصاف والرموز الا انها سرعان ما تتلاشى وتضيع حول مائدة الوحدة واللقاء وذاك هو سر مركبة الايمان الراسية حول البيت العتيق.. وحدانية الرب وأخوة الدين جمعتهم في مؤتمرهم السنوي ليشهدوا منافع لهم ويشخصوا مسيرة نبي الرحمة ورسول السلام صلى الله عليه وسلم عبر الصحراء المترامية وهذا الطريق أيها الإخوة بين مكة وعرفات مرورا بمنى ومزدلفة حيث سيراها كل الحجاج وسيقفون في تلك المرافق المهيبة العظيمة، هذا الطريق كثيرا ما طرقه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته مذ رآه وليدا يوم حملته حليمة السعدية معها من مكة هذه الطرق طالما سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنوات الاولى لبعثته عليه الصلاة والسلام وحتى الهجرة وكان يلقى الناس في منى وعرفات وكم خرج وحيدا متخفيا من انظار قريش وكان إعراض الناس عنه والتذمر منه والسخرية عليه وها هو صلى الله عليه وسلم بعد مرور عدة اعوام يقف فيه يعلن مبادئ الحق والحرية والمساواة والعرب جميعا قد انضووا تحت لوائه: «أيها الناس ان ربكم واحد وان أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من من تراب ألا هل بلغت اللهم فاشهد» فكان سيره صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من أشهر ما ذكره التاريخ وهاهم حجاج بيت الله الحرام يسيرون على نفس الطريق فيعودون وعلى أرواحهم مسحة فاضت بها اشراقة قدسية وبقلوبهم طاقات يانعات من ورود الصفا والمروة وزهر عرفات والمزدلفة وشذا طيب من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والبيت الحرام
أيها الاحباب: اذا كان عيد الاضحى هو عيد الحجاج خاصة فانه عيد للمسلمين عامة لانه يذكر بأعظم تضحية جرت على وجه الارض وهذا الدرس في التضحية اتعظ به بعد الخليل ابراهيم كل نبي وكل مؤمن وبوحي هذا الدرس الامثل استطاع اجدادنا ان يبنوا مجدا لا تضارعه الامجاد وصرحا من المعالي دونه الصروح والاطواد ويصنع تاريخا تنحني له الرؤوس والجباه وبوحيه استطاعوا ان يقهروا البحار ويفتحوا الأمصار ويعلو فيه اسم الله وان يبثوا رسالة الوحي والنور فوق بواتييه في قلب فرنسا وان يفتحوا بايمانهم اسوار الصين وتدخل جحافلهم ابواب الهند ويرتفع في الآفاق صوت الحرية مدويا هدارا بالتضحي
ان المؤمنين الاولين وقفوا يقوضون اركان البغي والطغيان ويبشرون برسالة القران ويلاقون صنوف الاذى وآلوان الآلام بالتضحية استطاع طارق بن زياد ان يتحدى بحر الظلمات وان يذل كبرياء الامواج ليثب بدين الله الى ارض تتعطش الى الحق وتهفو الى النور وكان ان نبتت في آثار هذه الوثبة مدنية دونها المدنيات وحضارة دونها الحضارات فكانت الاندلس وغرناطة واشبيلية والحمراء وكان الفن الذي خلد على الدهر وبقي رغم أنف الزمان وعناد العصور ومحاكم التفتيش بقى اية في الابداع ودليلاً على العظمة التي أبدعت
ان ذلك هو اثر عيد الاضحى ومعناه في حياة أجدادنا السالفين، فهل تقف الامة اليوم عند معاني هذا العيد لقد شرد شعب من بلاده وطردت امة من وطنها وحوصر اهل البلاد على يد اشرار اوغاد هذه الارض التي انبتت السيد المسيح عليه السلام وشهدت عدالة الفاروق وبسالة ابن الوليد والتي تخضبت سفوحها بدماء المغاوير من ابطال اليرموك وحطين، هذه الارض يرفرف اليوم فوقها اثقل ظل لأثقل راية، هذه الارض تقاسي اليوم اعظم محنة عرفها تاريخ الشعوب فكيف يكون العيد عيدا ونحن نسمع صراخ الاطفال وعويل النساء ونرى الدماء والاشلاء في غزة. واضاف السيد: ان هتاف العيد وشعاره يصرخ منبعثا من بحة الالم ومن كثافة الاحزان من هذه المحنة التي يصنعها اعداء الانسان والسلام ويحاولون قتل الكرامة والحرية والعدل في واقع الصامدين المقاومين فوق ارضهم دفاعا عنها
|
|
|
|
|